جنيف- قال خبراء في الأمم المتحدة إن "القرار التاريخي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يوفّر أول أمل ملموس لحماية المدنيين في غزة الذين يعانون من ظروف إنسانية مروعة ودمار وقتل جماعي وجرح وصدمات لا يمكن إصلاحها".
جاء ذلك في بيان مشترك، صدر اليوم الأربعاء في جنيف، وحمل توقيع أكثر من 20 مقرّرًا أمميًا، بينهم المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين مارجريت ساترثويت، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، بن سول.
وأكد الخبراء أن القرار يعد علامة بارزة في نضال الشعب الفلسطيني المستمر منذ عقود من أجل العدالة.
ولفت الخبراء إلى أن أفعال إسرائيل يمكن أن ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وهو ما أكدته المحكمة التي أصدرت ستة تدابير مؤقتة وأمرت إسرائيل باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع أعمال الإبادة الجماعية بما في ذلك منع التحريض على الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وضمان وصول المساعدات والخدمات إلى الفلسطينيين تحت الحصار في غزة والحفاظ على الأدلة على الجرائم المرتكبة في غزة.
وقال الخبراء في بيانهم: "إننا نكرر الشعور بالحاجة الملحة الذي أظهرته المحكمة في مداولاتها القصيرة التي دامت أسبوعين، حيث تقتل القوات الإسرائيلية مئات الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، كل يوم، مما أدى إلى مقتل 26,751 شخصًا في غزة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية. وهذا يمثل أكثر من 1% من السكان".
وأضاف البيان أن "أمر المحكمة ضروري بشكل عاجل لحماية وجود الشعب الفلسطيني من أعمال الإبادة الجماعية المحتملة التي أمرت المحكمة إسرائيل بوقفها ومنعها".
وتابع أنه بالنظر إلى الوضع المزري على الأرض والصياغة الدقيقة للمحكمة فإن الخبراء يعتقدون أن الطريقة الأكثر فعالية لتنفيذ التدابير المؤقتة هي من خلال وقف فوري لإطلاق النار.
وأكد الخبراء أن القرار بمثابة رفض لتبرير إسرائيل لأفعالها بأنها "دفاع عن النفس يمتثل للقانون الإنساني الدولي" حيث وجدت المحكمة أن إسرائيل لا يمكنها الاستمرار في قصف وتهجير وتجويع سكان غزة، بينما تسمح لمسؤوليها بتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم من خلال تصريحات قد ترقى إلى مستوى التحريض على الإبادة الجماعية.
ولفتوا إلى أن أمر محكمة العدل الدولية يرجح كفة الميزان نحو نظام عالمي قائم على العدالة والقانون الدولي، وشددوا على أن هذا هو الأساس الوحيد للسلام الدائم والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ودعا الخبراء إسرائيل إلى الالتزام بأمر محكمة العدل الدولية، وأشاروا إلى أن "العبء ينتقل الآن إلى إسرائيل لكي تثبت أنها نجحت فعليا في القضاء على خطر الإبادة الجماعية الذي وجدت المحكمة أنه احتمال معقول"، وأكدوا على أنه بحلول الوقت الذي تقدم فيه إسرائيل تقريرها إلى المحكمة في غضون شهر واحد يجب أن يحصل الفلسطينيون على الغذاء والماء والرعاية الصحية والسلامة التي حرموا منها منذ فترة طويلة .
وحث الخبراء الدول الأطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية على التقيد بالتزاماتها بمنع الإبادة الجماعية واتخاذ جميع التدابير التي في وسعها لضمان تنفيذ هذه الالتزامات والتدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية، وشدد الخبراء أيضا على الدور الحاسم الذي يلعبه المجتمع المدني لتفعيل هذا الحكم .
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.